القادياني وادعاء النبوة

29/05/2021
657

الأكثر شهرة

بيان الأزهر الشريف في القاديانية

بيان الأزهر الشريف في القاديانية

.

29/05/2021
1352
فتوى د. علي جمعة مفتي مصر

فتوى د. علي جمعة مفتي مصر

.

29/05/2021
1007
إعلان النجاة من الاحمدية

إعلان النجاة من الاحمدية

.

29/05/2021
965
"القاديانية" تروج لنفسها في الأردن

"القاديانية" تروج لنفسها في الأردن

.

31/05/2021
938
إسم المؤلف : د. غالب عواجي

كيف وصل القادياني إلى دعوى النبوة

1- اتجاهه إلى التأليف:

لقد كان الميرزا في بدء حياته خامل الذكر، لا يُعبأ به ولا يُذكر بخير أو شر.
ثم اتجه إلى التأليف والمناظرات التي كانت ملتهبة في القارة الهندية بين شتى الأفكار والفرق، وقد بدأ مناظراً جلداً عن الإسلام والمسلمين، مع ما كان يظهر منه بين الفينة والأخرى من غلو في نفسه وتمجيدها، وكان علماء المسلمين تجاهه بين الاستبشار والقلق من أن يجمح به فرسه إلى ما لا تحمد عقباه.
ومن هنا بدأت الأنظار تلتفت نحوه وذاع صيته وأعجبته نفسه ومواهبه، فبدأ يحتطب في حبله وطلب من الناس أن يبايعوه، ولم يبخل على نفسه بلقب مجدد العصر ((المأمور من الله شبيه المسيح في دعوته إلى الله وأحواله الشخصية)).
وقد اقتضت سياسة بريطانيا أن يزيدوا من النار اشتعالاً؛ فشجعوا قيام المناظرات وافتعال الخصام والعنف بين الطوائف، ليشعر الجميع بالحاجة إلى دولة قوية تحميهم وتكون الملجأ لجميعهم وهي سياسة بارعة منهم.
وحين شمر القادياني في بدء أمره للدعوة إلى الإسلام ودحض حجج خصومه من الهندوس والنصارى، وحينما توجه إليه المسلمون أعلن أنه بدأ في تأليف كتاب كبير في إثبات فضل الإسلام وإعجاز القرآن وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، والرد على الديانات السائدة في الهند كالمسيحية والآرية والبرهمية والبرهموسماجية ، وسمى هذا الكتاب ((براهين أحمدية)) وتكفل المؤلف القادياني في أن يجمع في هذا الكتاب ثلاثمائة دليل على صدق الإسلام في خمسين مجلداً، يدفع فيه كل الاعتراضات والإيرادات التي يعترض بها الكفار عامة على الإسلام، وطلب من المفكرين أن يراسلوه بأفكارهم ليستعين بها، وطلب كذلك التبرع السخي بالمال لطبع الكتاب؛ فانخدع بذلك كثير من العلماء وعامة المسلمين، وفرحوا بهذا الإنجاز المرتقب، وبدأ القادياني يكتب، فكيف تم ذلك؟
الواقع أن الكتاب كان بمثابة صدمة عنيفة للمسلمين وخيبة أمل مريرة، فقد أصدر الجزء الأول منه وسماه براهين أحمدية سنة 1880م، وملأه بمدح نفسه وكراماته وكشوفاته وإعلانات أخرى زكّى بها نفسه، ثم أصدر الجزء الثاني وكان لا يختلف عن الأول من حيث المضمون، ثم أصدر الجزء الثالث سنة 1882م، ثم أصدر الجزء الرابع سنة 1884م.
وقد ضمن الجزء الثالث والرابع حث العلماء والجمعيات الإسلامية على إقناع الحكومة الإنجليزية بأن المسلمين أمة هادئة سلمية مخلصة للإنجليز، وأن جهاد الإنجليز حرام، وأن حكومتهم نعمة جسيمة من الله ورحمة، وأنها هي الدولة الوحيدة التي تحقق أهداف المسلمين، وأعاد ذلك وكرره مرة بعد مرة ففطن العلماء له وعرفوا أنه لا يريد إلا الشهرة وكسب المال لا الدفاع عن الإسلام.
وحينما وقف على كتابة خمسة أجزاء بدل الخمسين طالبه المشتركون في قيمة الخمسين جزءاً فذكر أنه كان عازماً على إصدار خمسين جزءاً من هذا الكتاب، ولكنه سيقتصر على خمسة أجزاء، ولما كان الفرق بين الخمسين والخمسة هو صفر واحد فقد أنجز وعده بإتمام خمسة أجزاء، وأنه لا حق لهم في المطالبة بعد ذلك حسب مزاعمه لهم.
ولقد مج الناس سماع هذا الكتاب؛ لأنه أتخمه بالإلهامات والمنامات والخوارق والكشوف والتكليمات الإلهية والنبوات والتحديات، ومدح الإنجليز مما يطول نقله وتثقل قراءته، ثم أعلن بعد ذلك أنه هو نفسه المسيح الموعود؛ لأنه تواتر-حسب قوله- عليه الإلهام ((إنك أنت المسيح الموعود)) .
ثم جاءت سنة 1900م وبدأ الخواص من أتباعه يلقبونه بالنبي صراحة، وكان موقف الغلام إزاء هذه النقلة الخطيرة متسماً بالحذر والمراوغة، فكان يعجبه هذا اللقب ويبدي بين خاصته التأييد له، ويظهر لمن يخالفه كلمات يمتص بها غضبه بما كان يبديه من تأويل نبوته بما يشعر بالتواضع، مثل ((النبي الناقص)) أو ((النبي الجزئي)) أو ((النبي المحدث))، علها تخفف حرارة امتعاض المخالف له ولم تدم هذه الفترة طويلا، فبعد سنة 1901م أسفر عن وجهه الحقيقي بأنه نبي كامل، وأن كل ما قاله أو كتبه من أنه نبي غير كامل صار منسوخاً بثبوت نبوته.
ثم أدركه بعد ذلك عرق السوء في سنة 1904م، فاحتقر النبوة ورآها غير كافية في شخصه فادعى أنه ((كرشن))، وهو معبود من معبودي الهنادك، ولعله طمع في ميل الهنادك إليه، وهو في هذه الدعوى الخطيرة لم يأت بجديد؛ فهو خلف لأسلافه من الطغاة الذين ادعوا الألوهية على مر العصور.

2- إلهاماته:

دعوى أي شخص أن الله ألهمه كذا وكذا، من الأمور اليسيرة التي هي بإمكان كل إنسان أن يدعيها، إلا أن الخطر يكمن في ظهور النتائج-على حد قول أحد الشعراء
من تحلى بما ليس فيه           فضحته نتائج الامتحان
على أن ما يحصل للنفس من إلهام ليس له مورد واحد، بل عدة موارد، فقد يرد عليها الإلهام من الله تعالى، وهنا لابد من أهلية صاحبها وتقواه وصدق إخلاصه لربه وصفاء توحيده.
وقد يرد عليها الإلهام من وساوس الشياطين إذا كان صاحبها لائقاً بذلك بعيداً عن الله.
وإلهامات الغلام كلها من هذا النوع، وقد ظهر الكذب فيها والتكلف الممقوت رغم أنه يصوغها على غرار الآيات القرآنية، يريد أن يوحى به إلى الناس على أنه إلهام من الله له ووحي مباشر إليه، يتبين ذلك من خلال صيغته وإنشائه.
لقد كثرت إلهامات الغلام التي جعلها بمثابة وحي من الله تعالى، وهي أفكار زخرفها، وتقوَّلَ فيها على الله تعالى وتنطع، وخرج عن الإيمان بالإسلام وبختم النبوة المحمدية.
ثم تحول القادياني من شخص مسلم غيور على الدين في أول أمره إلى عدو لدود للمسلمين والإسلام، حينما رأى إقبال الناس عليه ودفع الحكومة الإنجليزية له إلى الأمام في غيه، كما هو عادة الإنجليز وخداعهم للناس.
ولهذا فقد وصل به التعلق بالإنجليز إلى حد أن الذي يأتيه بالوحي هو رجل في صورة شاب إنجليزي.
بل والوحي نفسه اختلط عليه الأمر فيه فمرة يوحى إليه بالعربية، ومرة بالفارسية وأخرى بالأردية، بل وأحياناً بالإنجليزية إتماماً للنعمة.
ويمكن أن أجعل عذر الندوي في عدم الإتيان بتلك الإلهامات التي نزلت على الغلام كلها- أجعله عذراً لي، وذلك في قوله عن الغلام:
((ثم ذكر الشيء الكثير من إلهاماته مما يطول نقله وتثقل قراءته على القارئ الأديب، إلا أننا نقتصر على مثالين من هذه الإلهامات الطريفة)) .
ثم ذكر مثالين منها يكفيان القارئ الحُكم على الغلام، ومدى ما وصل إليه من استهتار بكتاب الله وسنة نبيه، بل وبعقول الناس، بل وبعقله أيضاً هو؛ حيث جاء بكلام لا يفهمه حتى هو فضلاً عن غيره، فمما أورد الغلام في كتابه ((براهين أحمدية)) قوله: ((لقد أُلهِمْتُ آنفا وأنا أعلق هذه الحاشية، وذلك في شهر مارس عام 1882م ما نصه حرفياً: ((يا أحمد، بارك الله فيك، ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى. الرحمن علم القرآن، لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم، ولتستبين سبيل المجرمين، قل إني أمرت وأنا أول المؤمنين، قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، كل بركة من محمد صلى الله عليه وسلم فتبارك من علم وتعلم...)) إلى أن يقول: ((يقولون أنى لك هذا، أنَّى لك هذا، إن هذا إلى قول البشر، وأعانه عليه قوم آخرون ...)) إلى أن يقول: ((إني رافعك إلي وألقيت عليك محبة مني، لا إليه إلا الله، فاكتب وليطبع (كذا) وليرسل في الأرض، خذوا التوحيد التوحيد يا أبناء الفارس (كذا) ...أصحاب الصفة، وما أدراك ما أصحاب الصفة...) إلى أن يقول:
((قيل ارجعوا إلى الله فلا ترجعون. وقيل استحوذوا فلا تستحوذون، ولا يخفى على الله خافية، ولا يصلح شيء قبل إصلاحه ومن رد من مطبعه، (كذا) فلا مرد له)) .
وأكتفي بذكر هذه النصوص عن الوحي الذي يزعمه، ولكن من الأنفع للقارئ أن يقف على جملة الإلهام أو الوحي الذي نزل على الغلام في آخر كتابه ضميمة الوحي؛ ليقف عليه القارئ وليرى مقدار ما وصل إليه هذا الشخص في إقدامه على التلاعب بكتاب الله عز وجل، وليرى الوقاحة التامة التي اتصف بها هذا الرجل وعدم خوفه عاقبة أكاذيبه.
وليرى كذلك جملة من الكلام الركيك والهذيان الفاحش والفكر الناقص المضطرب الذي تحدى به البشر.
وكتاب الغلام أو رسالته التي جعلها بعد ذلك ملحقة بكتابه ((براهين أحمدية)) وضميمة له، صاغها على طريقة القرآن الكريم في قصر الآيات وطريقة الوقوف على رأس كل آية. ثم خلط بين آيات متباعدة دون رابط مع تبديل كلمات القرآن بكلمات من عنده أحياناً، وتحريف لألفاظ القرآن أحياناً أخرى، مع الجسارة التامة على التلاعب بترتيب الآيات ونطقها وتبديل ما شاء وترك ما يشاء.
وليقف كذلك على جهل الغلام بخالق السموات والأرض وبدائيته في ذلك؛ حيث لفق 97 صفحة ليضاهي بها القرآن الكريم .
وقد تحدى الغلامُ البشر أن يأتوا بصفحات من مثل كلامه الذي هو كالقرآن فقال يرد على الذين يقولون إن كلامه مسروق وليس بإلهام من الله:
((ووالله إنه ظل القرآن ليكون آية لقوم يتدبرون. أتقولون سارق فأتوا بصفحات مسروقة كمثلها في التزام الحق والحكمة إن كنتم تصدقون)) .
هذا وهو القائل:
((ألا لعنة الله على من افترى على الله أو كذّب الصادقين، وكل من كذّب الصادق أو افترى جمعهم الله في نار أعدت لهم وليسوا منها بخارجين، قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين)) .
وبعد أن تحدى الغلام البشر أن يأتوا بصفحات من مثل الوحي الذي جاءه، عاد وتحدى البشر أن يأتوا بآية من تلك الآيات التي تلقاها عن الله تعالى قائلاً ومقسماً: ((ووالله لو اجتمع أولهم وآخرهم وخواصهم وعوامهم ورجالهم ونسائهم ما استطاعوا أن يأتوا بآية كما نعطى من ربنا، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً)) ، ومن أقوى ما أوحي إليه هذا الكلام: ((فروا من مائدة الله ورغفانها وانتشروا، وبقيت الخِوَانُ على مكانها، وآثروا عصيدة الدنيا وتحلبت لها أفواههم وتلمظت لها شفاههم...)) إلخ. فمن يستطيع أن يأتي بمثل هذا غيره؟!.
وقد ذكر أن من الأدلة على نبوته أنه كان قد نقش في خاتمه: ((أليس الله بكاف عبده يا أهل الآراء)) قبل أن يخبره الله بأنه نبي فاعجب لهذا الدليل أيها العاقل! وذكر أن الخاتم مضى عليه أكثر من ثلاثين سنة ولا يزال محفوظاً لديه، فضلاً من الله ورحمة، ومع هذا الفضل من الله عليه فقد سجل على نفسه أنه كان يكتم بعض الوحي؛ خوفاً من الحكومة، فقد نبأه الله أن رجلاً من أعدائه اسمه سعد الله سيموت، فأراد أن ينشر هذا الإلهام فثناه عنه وكيله فقال:
((فأردت أن أفصله في كلامي وأشيع ما صنع الله بذلك الفتان..فمنعني من ذلك وكيل كان من جماعتي، وخوفني من إرادة إشاعتي وقال: لو أشعتها لا تأمن مقت الحكام ويجرك القانون إلى الآثام...وليست الحكومة تارك المجرمين)) .
فكيف بكتم الوحي لئلا يكون مجرماً أمام الحكومة، وصدق الله: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) .
ومن إلهاماته الأخرى هذه العبارات:
إني ألهِمْتُ إن شاء الله .
إني ألهِمْتٌ رجل معقول .
إني ألهِمْتُ الأسف كل الأسف .
إني إلهِمتُ جوهدري رستم علي.
فراش العيش .
أنت مني بمنزلة أولادي .
بهذه الوثنية زعم أن الله خاطبه، تعالى الله عن افترائه.
وهناك إلهامات كثيرة مملة، كما ذكر الندوي بعضها، وذكر المودودي بعضاً، وذكر إحسان إلهي بعضاً منها أيضاً، ويكفي مجرد قراءتها دليلاً واضحاً على شخصية القادياني وشعوذته.

3- دعواه أنه المسيح الموعود:

بعد أن أعاد القادياني وأبدى في دعوى الإلهام انتقل إلى الدعوى الثانية وهي أنه المسيح الموعود، قال في ضميمة الوحي: ((وأتى المسيح الموعود مهجراً بأمر الله العلام؛ ليظهر الله ضياءه التام على الأنام بعد الظلام)) .
إلا أن العلماء يذكرون أن الفضل في هذا التوجه يعود إلى صديقه الحكيم نور الدين، ويتضح ذلك في رسالة بعثها القادياني رداً على رسالة لصديقه الحكيم، الذي كتب إليه اقتراحه المشهور للغلام في أن يدعي أنه المسيح، فكتب له الغلام مبدياً تواضعه في أول الأمر وعدم طموحه إلى ذلك، جاء فيها قوله:
((لقد تساءل الأستاذ الكريم ما المانع من أن يدعي هذا العاجز أنه مثيل للمسيح؟، وينحي في جانب مصداق الحديث الذي جاء فيه أن المسيح ينزل في دمشق، وأي ضرر في ذلك، فليعلم الأستاذ الكريم أن العاجز ليست له حاجة إلى أن يكون مثيلاً للمسيح، إن همه الوحيد أن يدخله الله في عباده المتواضعين المطيعين)) .
وما ألطفه من تواضع لو بقي عليه إن كان صادقاً في هذا الكلام، إلا أنه قد يتبادر إلى الذهن أن ما أظهره هنا من التحرج والتواضع يحتمل أنه:
كان يخاف مغبة هذه الدعوى.
أو أنه قالها قبل أن تختمر الفكرة في ذهنه.
أو أنه كان ماكراً يريد أن يستثبت من رغبات الناس ويسبر غورهم وبالأخص صديقه المذكور.
ومهما كان فقد وجهه الحكيم إلى دعوى أنه مثيل للمسيح، وبين له الخطة في ذلك بتأويل الأحاديث على وفق دعوى الغلام، وربما لم يكن الحكيم نور الدين وحده مصدر هذه الفكرة، بل الإنجليز أيضاً بطبيعة الحال كان لهم دور بارز في إضرامها ليوجهوها بعد ذلك الوجهة المطلوبة لهم، والتي أول أهدافهم منها محو فكرة الجهاد من أذهان المسلمين، وعلى أي حال كان، فقد قَبِلَ الميرزا مشورة صديقه في أن يصبح نبياً، وتأكد لديه أن الفرصة قد واتته، ومن هنا بدأ الميرزا غلام أحمد في تنفيذ تلك الفكرة وأخذ يدعو إلى ذلك بكل ما يستطيعه من إمكانيات.
قال الندوي: ((وهنا تتميز الفكرة القاديانية عن الديانات السماوية والدعوات النبوية تميزاً واضحاً، فإن الأنبياء والرسل-صلوات الله وسلامه عليهم- ينزل عليهم الوحي من السماء ويمتلئون إيماناً وثقة برسالتهم، ولا تنبثق عقيدتهم أو دعوتهم من اقتراح أو توجيه)) . كما حصل للغلام المذكور، وقد أخذ القادياني بعد ذلك يدلل على أنه هو المثيل للمسيح الموعود الذي بشرت به الأحاديث، وأنه ينبغي على كل مسلم أن يشكر الله على نزول المثيل الموعود وهو القادياني في عصره الجديد، أما المسيح ابن مريم حسب زعمه فإنه لا يعود إلى الأرض، ولكن الذي سيعود هو المثيل للمسيح والشبيه له لا المسيح نفسه؛ ولذلك فإن شبه المسيح تماماً هو القادياني وعلى الناس أن يصدقوا هذا التفسير منه ويتركوا ما جاء من النصوص في ثبوت عودة المسيح ابن مريم الذي أرسل في عصره إلى بني إسرائيل؛ لأن عودته إنما هي مثال للمسيح الهندي الغلام أحمد.
ولقد ألف عدة كتب في إثبات هذا المفهوم الجديد، وله نصوص كثيرة فيه، يمكن أن نقتصر منها على هذا المثال من كلامه الذي جاء في كتابه ((توضيح مرام)) ترجمة الأستاذ الندوي ؛ حيث قال:
((إن المسلمين والنصارى يعتقدون باختلاف يسير أن المسيح ابن مريم قد رُفع إلى السماء بجسده العنصري، وأنه سينزل من السماء في عصر من العصور، وقد أثبت في كتابي- يعني فتح إسلام-أنها عقيدة خاطئة، وقد شرحت أنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح؛ بل هو إعلام على طريق الاستعارة بقدوم مثيل المسيح، وأن هذا العاجز هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام، ومن هنا فإنه لا مناص من تقمص شخصية المسيح والعراك المرير لانتزاعها وتسليم المخالفين له بها)).
وقد أكثر من الكلام حول وفاة المسيح وتحقيق أنه كان له أب وأن المقصود بكونه لا أب له أي أنه جاءه العلم من غير تعلم .
دور صديقه الحكيم نور الدين في دفعه إلى الأمام:
لقد كان لنور الدين اليد العليا على الغلام؛ حيث كان يمهد له الصعاب ويشاركه في إبراز القضايا الخطيرة وطريقة حلها وتوجيهها، ومن ذلك تفسير دمشق الواردة في صحيح مسلم أن المسيح ينزل في دمشق. فكيف ذلك ونزول القادياني كان في قاديان وبين البلدتين من البعد وعدم العلاقة بينهما ما لا يخفى على أحد.
وهذه القضية أثارها نور الدين، وهي قضية خطيرة إن لم يوجد لها حل وتوجيه مقبول عند الناس، وبعد تفكير اهتدى الغلام إلى الحل الذي أطلعه الله عليه-حسب قوله- وهو أن دمشق التي ينزل فيها المسيح ليست هي دمشق المعروفة بالشام، ولكن المراد بدمشق أنها قرية يسكنها رجال طبيعتهم يزيدية-أي قاديان- فاتفقت في الوصف مع دمشق الشام من حيث إن طبيعة أهل هاتين المدينتين يزيدية. فقال:
((وإنه لما كانت قرية قاديان شبيهة بدمشق أنزلني فيها لأمر عظيم- أي قاديان- بطرف شرقي عند المنارة البيضاء من المسجد الذي من دخله كان آمناً)) يعني المسجد الذي بناه بقاديان ليحج إليه اتباعه المرتدون عن الإسلام مضاهاة للمسجد الحرام، وجعل عنده منارة بيضاء ليضلل الناس في صدق الحديث عليه لنزوله أو ظهوره عند هذه المنارة التي بناها.
تأويل الرداءين الأصفرين:
كما أول نصوصاً كثيرة تأويلات باطنية ضالة؛ مثل تأويل ما جاء في أحاديث نزول المسيح أنه ينزل وعليه رداءان أصفران أولهما القادياني على نفسه بأنهما المرضان اللذان كانا يلازمانه وهو الصداع الشديد والدوار الذي في مقدم رأسه، وكثرة البول الناتج عن السكر الذي أصابه ، وأن الله ابتلاه بهذا لئلا يقع الخلل في نبوءة الرداءين الأصفرين زيادة في تثبيت الناس فيه، وسخر من الأحاديث التي تدل على نزول المسيح ابن مريم من السماء، وزعم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ألقى الله عليه علماً إجمالياً عن المسيح ليكمل تفصيله-على النحو المذكور- القادياني حين بعثته الجديدة من الهند، وقرر أن قبر المسيح ابن مريم موجود في كشمير وتعسف في ذلك، وجاء بالعجائب والغرائب من التأويلات التي لا تستند إلا على الهوى وعدم المبالاة، وهكذا أثبت لنفسه أنه هو المثيل للمسيح ابن مريم لوجود التشابه التام بينهما في المسكنة والتواضع والثقة في الله والتوكل عليه، وتجديد كل منهما للدين كما كان يذكر الغلام.
إلا أنه يرد سؤال مهم؛ وهو أنه من الضروري أن يكون مثيل المسيح أيضاً نبيٌّ؛ لأن المسيح كان نبياً؟ وهذا سؤال يبدو أنه قد يُشّكِّلُ عقبة أمام القادياني، وهو نفسه صاحب هذا السؤال، ولكن أجاب عنه بقوله بعد إيراد السؤال:
((فالجواب الأول عن هذا، أن سيدنا ومولانا ما اشترط للمسيح القادم بالنبوة، وكتب بكل وضوح أنه سيكون رجلاً مسلماً متبعاً للشريعة الفرقانية شأن عامة المسلمين ولا يُظْهر شيئاً أكثر من هذا)) .
وعلى هذا فهو ليس المسيح وليس نبياً، قال: ((وإني ما ادعيت قط أني المسيح ابن مريم، والذي يتهمني بهذا فإنه المفتري الكذاب، بل الذي قد نشر من جانبي منذ سبعة أو ثمانية أعوام هو أني مثيل المسيح)) .
لكنه لم يقف عند هذا الحد فيما بعد، وهذا الكلام إنما جاء في مرحلة من مراحل التخطيط للنبوة، ومن هنا فإنه قد ارتفع بعد أن أثبت مِثْلِيَّتَهُ للمسيح إلى أنه هو نفسه المسيح وأمه، فقال: ((وهذا هو عيسى المرتقب، وليس المراد بمريم وعيسى في العبارات الإلهامية إلا أنا)). وقال: ((وهو قد سماني بمريم في الجزء الثالث من البراهين الأحمدية، ثم نشأتُ في الصفة المريمية إلى سنتين كما هو الظاهر من البراهين الأحمدية ومازالت أنمو وأتربى وراء الحجاب ثم ...نفخ فيّ روح عيسى كمريم وحملتُ بعيسى على وجه الاستعارة، ثم بعد عدة أشهر جعلت عيسى-بعد أنت كنت مريم- بإلهام جاءني في آخر الجزء الرابع من البراهين الأحمدية، فهكذا أصبحت ابن مريم)) .
وقد حاول الميرزا بشير محمود تأسيس هذه الفكرة؛ حيث زعم أن كلمة ((مريم)) تعني حالة ووضعاً خاصاً من أوضاع المؤمنين في مرحلة من مراحل حياتهم، ثم ينتقلون إلى ((العيسوية)) الهداية التامة .
وبهذا البهتان العظيم والخيال السقيم والعقوق أيضاً لأمه، لأنه صار ابناً لمريم وليس لأمه((جراغ بي بي)) أراد أن يثبت نبوته، والذي يظهر لي أن هذه التلفيقات في أفكاره ترجع إلى أنه كان متأثراً بالقول بالتناسخ إلا أنه لم يجرؤ على التصريح به في تلك الفترة، فحاول تغطيته بمثل تلك العبارات المملوءة بالغموض عن عمد.
وقد أطال كثير ممن كتب عن القادياني الرد على هذه الأفكار، والواقع أنه لا ينبغي مجرد الاهتمام بها ولا الردود عليها؛ فهي أحط من أن تثبت أمام المناقشة والجدال، ومن الجدير بالتنبيه إليه أن بشير محمود أحمد في كتابه: ((دعوة الأمير)) قد ذكر كلاماً كثيراً حول إثبات وفاة المسيح عيسى ابن مريم، وزعم أن الذين يقولون بحياته إلى يومنا الحاضر لا يعرفون الله حق معرفته؛ حيث جعلوا المسيح مثيلاً له في عدم الفناء، وزعم أن اعتقاد حياة المسيح إلى اليوم فيه تأييد للنصارى في زعمهم ألوهية عيسى، أو أنه ابن الله! وهي مغالطة واضحة؛ فإن المسلمين حين يقولون: إن المسيح حي الآن في السماء، لا يقولون: إن حياته مثل حياة الله، بل يثبتون أنه سيرجع إلى الدنيا ثم يموت بعد ذلك كغيره من البشر.
وقد اعتبر الميرزا بشير محمود القول بأنه عيسى رفع إلى السماء ومحمداً مدفون في الأرض من أشد الإهانات التي توجه للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند الله، ويقول: كيف أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حبيب الله تركه للهموم والمصائب ولم يرفعه إلى السماء، وعيسى بمجرد أن تعرض لأدنى خطر رفعه الله إليه وجاء بشخص مثيل له ليصلب!؟ إلخ ما أورده من مغالطات شريرة، فإنه من المعلوم لدى أفهام العقلاء أن كون عيسى رفع ومحمد صلى الله عليه وسلم مدفوناً في الأرض، هذا ليس إهانة للرسول صلى الله عليه وسلم لا من قريب ولا من بعيد، فالأرض والسماء كلها لله، وقد اختار الله أن يكون الأمر على ما ذكر ولا يسأل الله عز وجل عما يفعل، ولا يعترض إلا جاهل، ونحن مع النصوص؛ ما أثبتته نثبته، وما نفته ننفيه، وقد نفت النصوص أن عيسى صلب بل إنه رفع، فيجب اعتقاد ذلك، والقول بأن الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم مدفون في الأرض إهانة له، هذه الإهانة لا وجود لها إلا في أذهان المغالطين.
كما أنه أورد شبهاً تدل على وفاة المسيح بزعمه، هي في واقعها تحريفات وتخريفات خاطئة، زخرف فيها القول، وزعم أنها حق تمويهاً على من لم يعرف مغالطاتهم.
ومن الأمور التي قررها بشير محمود هو أن والده الميرزا هو المثل للمسيح المتوفى، وأن القول بنزول المسيح عيسى ابن مريم مرة ثانية إلى الدنيا يعتبر احتقاراً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهضماً للقول بقدرة الله في إرسال الأنبياء والمصلحين؛ إذ كيف يضطر الله إلى إرسال ميت-حسب زعمه- من بني إسرائيل وأمة محمد صلى الله عليه وسلم موجودون، وهذا المفهوم مأخوذ عن ضميمة الوحي، حيث قال الغلام القادياني: ((ويدفنون خير الرسل في التراب ويُصْعِدون عيسى إلى السموات العلى فتلك إذا قسمة ضيزى يبصرون ثم لا يبصرون يرون الحق ثم يتعامون)) .

4- ادعاؤه النبوة:

وحينما وصل إلى الدرجة النهائية لتدرجه إلى مقام النبوة صرح بآخر تفاصيل الخطة، وأزاح الضباب الذي جعله سابقاً غطاء للوصول إلى هذه الدرجة التي أعلن فيها نبوته، وصال وجال وتحدى الناس وراهن على صدق نبوته وصدق نفسه أنه نبي، ومن هنا انطلق آخذاً في اعتباره أن يغطي الإسلام برداء نبوته الجديدة، وأن يتحول المسلمون على مر الزمن من الإسلام الذي ارتضاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه إلى يوم القيامة-أن يتحولوا إلى القاديانية فتصبح قاديان بدلاً من مكة والمدينة وبيت المقدس أيضاً، وتنتقل مهوى الأفئدة إلى قاديان، ويصبح زيارة مسجد القادياني والسلام على القادياني بدلاً عن زيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصبح تعاليم القادياني بديلة لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية إلى آخر ما كان يهدف إليه، وفي ظني أن المنية عاجلته قبل أن يكمل المخطط تماماً، ولربما لو امتدت به الحياة بعد تلك الفترة التي قضاها لكان له شأن آخر.
وعلى كل حال، فقد ادعى الغلام النبوة وبيَّن المهام التي أسندها الله إليه حسب زعمه، فقال: ((أنا على بصيرة من رب وهَّاب، بعثني الله على رأس المائة؛ لأجدد الدين وأنوِّر وجه الملة وأكسر الصليب وأطفئ نار النصرانية، وأقيم سنة خير البرية، ولأصلح ما فَسَدَ وأروِّج ما كسد، وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، منَّ الله عليّ بالوحي والإلهام، وكلمني كما كلم رسله الكرام)) ، إلا أنه تميز عن الرسل بخاصية لا توجد فيهم وهي:
أن الرسل كانوا يفرحون بأخذ النبوة ويتقبلونها بلهفة، بينما هو تقبلها رغم كراهيته لها وإيثاره الخمول على الشهرة، وهذا في قوله:
((كنت أحب أن أعيش مكتوماً كأهل القبور، فأخرجني ربي على كراهيتي من الخروج، وأضاء اسمي في العالم مع هربي من الشهرة والعروج، ولبثت عمراً كالسر المستور أو القنفذ المذعور...ثم أعطاني ربي ما يحفظ العدا)) .
وقوله:
((فأخرجني الله من حجرتي، وعرفني في الناس وأنا كاره من شهرتي، وجعلني خليفة آخر الزمان وإمام هذا الأوان)) .
لقد كان القادياني لبقاً في إبداء فكرته، يمشي خطوة خطوة وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، فبدأ يتكلم عن الإلهام والعلم الباطني والعلم اليقيني كمنزلة طبيعية يصل إليها الإنسان بلزوم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاضمحلال فيه على طريقة الصوفية، ويتكلم عن صفات النبوة والنبي الذي يجمع هذه الخصائص وإمكان ذلك.
ولعله كان يدرس الأحوال ويتأكد من جود المحيط المناسب لهذه الدعوى الكبيرة التي ستحدث الضجة العظيمة التي كان يترقبها في المجتمع الإسلامي حين إعلانها. وقد حدث الحادث المرتقب عام 1900م حينما ألقى إمام مسجده-ويسمى عبد الكريم- خطبة الجمعة معلناً فيها أن الغلام صار نبياً رسولاً؛ لا يؤمن بالله من لا يؤمن به. وحصلت المفاجأة واندهش المصلون لهذا الحدث الغريب، وحصل الجدال والنقاش بين هذا الخطيب وبين المسلمين الذين ما كانوا يعرفون عنه إلا أنه عالم ومجدد وداعية إلى الإسلام ومناظراً لخصومه.
فعاد عبد الكريم وألقى خطبة أخرى في هذا المعنى في الجمعة الثانية، والتفت إلى الغلام أحمد وقال له: ((أنا أعتقد أنك نبي ورسول فإن كنت مخطئاً نبهني على ذلك، ولما قضيت الصلاة وهمّ الميرزا بالانصراف أمسك الخطيب عبد الكريم بذيله وطلب منه توضيح هذا الأمر، فأقبل إليه الميرزا قال: ((هذا الذي أدين به وأدعيه))، فارتفعت الأصوات بالنقاش فخرج الميرزا من بيته وقال: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) . ومن هنا شمر عن ساعد الجد في دعوى النبوة بل وتحدى على ذلك، وأنه نبي مرسل من الله صاحب شريعة، وكفّر جميع من لا يؤمن به وأثبت لنفسه أنه رسول من الله ، وأنه نبي سماه الله بذلك حسب قوله: ((سماني الله نبياً تحت فيض النبوة المحمدية، وأوحى إليّ ما أوحى)) .
قال أيضاً:
((وإني والله من الرحمن يكلمني ربي ويوحي إليّ بالفضل والإحسان)).
((وخاطبني ربي إنك بأعيننا فأوفى وعده)) .
وبعد أن صرح بالنبوة أخذ يتدرج أيضاً في تلطفه مع المخالفين إلى أن جاء الحكم الأخير عليهم بالكفر والنار فبدأ بالقضية هكذا: كل من لا يؤمن بنبوة الغلام ويكفر به يستوجب العقاب إلى حد ما ، ولا يكون الإنسان كافراً أو دجالاً لأجل إنكاره لدعواه، إلا أنه يكون ضالاً منحرفاً عن جادة الصواب، ويكون فاسقاً وجاهلاً جهلاً محضاً ... إلى آخر ما وصف به مخالفيه في هذه الفترة.
ثم جاءت الفترة النهائية وفيها الشدة والغلظة على المخالفين، وإخراجهم من الملة إن لم يدخلوا في دينه بخلاف من مات قبل مجيئه، ومن هنا قال: ((إن الذين خلوا من قبلي لا إثم عليهم وهم مبرءون، والذين بلغتهم دعوتي ورأوا آياتي وعرفوني وعرفتهم بنفسي وتمت عليهم حجتي ثم كفروا بآيات الله وآذوني أولئك قوم حق عليهم عقاب الله، خصوصاً بعد أن صار مهدياً متجسداً بمحمد صلى الله عليه وسلم كما زعم .
ولأن الله أنزل عليه بالإلهام ((كل رجل لا يتبعك ولا يدخل في بيعتك ويبقى مخالفاً لك هو عاص لله والرسول وهو من أصحاب النار)) .
وهناك نصوص كثيرة في دعوى تجسد محمد صلى الله عليه وسلم بالغلام في قاديان وظهوره مرة أخرى داعياً إلى الإسلام ونشره من جديد، منها:
((أن الله قد أنزل محمداً صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في قاديان لينجز وعده)) ، ومنها: ((فالمسيح الموعود هو محمد رسول الله، وقد جاء إلى الدنيا مرة أخرى لنشر الإسلام)) .
ومنها: ((فإن المسيح الموعود ليس بشخص غير النبي الكريم، بل إنه هو نفسه)) .
وعلى أساس هذا المفهوم، فكل من أنكر أو كذب بنبوة الغلام فهو نفسه تكذيب وإنكار لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وكل جزاء يلحق بمن كذب بمحمد صلى الله عليه وسلم هو نفسه الجزاء الذي يحل بمن يكذب بالقادياني.
وانتقلت نفس الصفات التي اختارها الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فصارت للقادياني:
فهو مفضل، ومسجده مفضل وقبره مفضل، وقاديان نفسها مفضلة أيضاً، ويجب على المسلم ألا يرى فارقاً بين قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقبر الغلام؛ لأن القبرين في منزلة واحدة، ولأن الغلام اسمه أيضاً محمد.
ولهذا فكل آية فيها ذكر محمد فإنها تنطبق أيضاً على الغلام المسيح الموعود لاتحادهما في الاسم وشمول الرسالة والتجسد، ومن هنا فلا غرابة في عدم تغيير القادياني لفظة الشهادة في الإسلام، بل أبقاها على صيغتها الشرعية: ((لا إله إلا الله محمد رسول الله))؛ لأن القاديانية يزعمون- كما زعم لهم الغلام لنفسه-أن من أسمائه ((محمداً))؛ فلهذا يكفي ذلك اللفظ عن الإتيان بصيغة جديدة. وفي هذا يقول بشير أحمد ابن الغلام القادياني: ((نحن لا نحتاج لديننا إلى كلمة جديدة للشهادة بنوبة غلام أحمد؛ لأنه ليس بين النبي وبين غلام أحمد أي فارق)) .
هذا تعليلهم، ولعل الصحيح أنهم لم يغيروا الشهادة خبثاً وتقية؛ ليكملوا تحت شعار الإسلام ما يهدم الإسلام، ويحقق أهدافهم، وتنتشر تعاليمهم بين العامة من المسلمين على طرف من الحذر وعمق في التمويه، والسير إلى النهاية ببطء ودقة
.

تم التطوير باستخدام نظام مداد كلاود لإدارة المحتوى الرقمي بلغات متعددة .